
مركّب من نبات الستيفيا يعزّز فعالية علاج الصلع
أكتوبر 23, 2025
شحادة من “ملتقى بيروت”: لا اقتصاد حديثًا من دون رقمنة الدولة
أكتوبر 23, 2025أظهرت مجموعة من الدراسات الحديثة نتائج مثيرة للانتباه تشير إلى أن التطعيم ضد الحزام الناري، المعروف علمياً باسم “Shingles”، قد يكون له تأثير وقائي غير متوقع ضد الخرف. هذا الاكتشاف يفتح باباً جديداً في فهم العلاقة بين المناعة وصحة الدماغ، إذ لم يعد اللقاح يُنظر إليه فقط كوسيلة لحماية الجلد والأعصاب من الفيروس المسبب للطفح المؤلم، بل ربما أيضاً كعامل يساعد في الوقاية من أحد أكثر الأمراض تعقيداً وانتشاراً في العالم الحديث: الخرف.
يعتمد لقاح الحزام الناري على تحفيز جهاز المناعة لمهاجمة الفيروس الكامن المسبب للجدري المائي في الطفولة، والذي يمكن أن يعاد تنشيطه لاحقاً في مراحل متقدمة من العمر مسبباً الحزام الناري. هذا الفيروس، المعروف باسم Varicella Zoster Virus، يعيش في العقد العصبية وقد يؤدي إلى التهابات عصبية تمتد آثارها إلى الدماغ. من هنا انطلقت الفرضية التي ربطت بين الوقاية من هذا الفيروس وبين خفض احتمالية الإصابة بالخرف، خاصة أن التهابات الأعصاب المزمنة تعتبر أحد المسارات البيولوجية التي يُعتقد أنها تساهم في تدهور القدرات الإدراكية بمرور الوقت.
في دراسة شاملة أجراها باحثون من جامعة ستانفورد ومؤسسات طبية في ويلز، تمت متابعة مئات آلاف الأشخاص ممن تلقوا لقاح الحزام الناري ومقارنة حالتهم مع من لم يتلقوه. أظهرت النتائج أن المطعّمين كانوا أقل عرضة لتشخيص الخرف بنسبة تقارب 20 في المئة على مدى سبع سنوات من المتابعة. ورغم أن هذه النسبة قد تبدو متواضعة، فإنها تعدّ إحصائياً مؤثرة في مرض يصعب الوقاية منه أو التنبؤ بمساره مثل الخرف. هذه النتيجة دفعت العلماء إلى التساؤل عمّا إذا كانت بعض اللقاحات تمتلك آثاراً غير مباشرة على الدماغ، من خلال خفض الالتهابات العامة أو تعزيز كفاءة الجهاز المناعي العصبي.
بعض الباحثين يرون أن هذا التأثير قد لا يكون مقتصراً على لقاح الحزام الناري فحسب، إذ تشير ملاحظات أخرى إلى أن بعض التطعيمات الروتينية مثل لقاح الإنفلونزا والالتهاب الرئوي قد أظهرت ارتباطات مشابهة بانخفاض معدلات الإصابة بالخرف. هذه الملاحظة تدعم نظرية “المناعة الوقائية العصبية”، التي تقول إن الحفاظ على جهاز مناعي نشط ومتوازن يقلل من فرص تراكم البروتينات السامة في الدماغ، مثل بيتا أميلويد وتاو، المرتبطة بمرض ألزهايمر. وقد يكون اللقاح أحد الوسائل غير المباشرة في تدريب الجسم على السيطرة على الالتهابات التي يمكن أن تمتد تأثيراتها إلى الخلايا العصبية.
ورغم التفاؤل الذي رافق هذه النتائج، فإن العلماء يؤكدون أنها لا تثبت علاقة سببية نهائية بعد، بل تشير إلى ارتباط يحتاج إلى دراسات أعمق وتجارب سريرية مخصصة. فربما يكون الأشخاص الذين تلقوا اللقاح يتمتعون أصلاً بنمط حياة صحي أو بوعي طبي أكبر، ما ينعكس بدوره إيجاباً على وظائفهم العصبية. إلا أن التفسير المناعي ما زال مرجحاً بقوة، خصوصاً مع تزايد الأدلة على دور الفيروسات الكامنة والالتهابات المزمنة في تحفيز أمراض التنكس العصبي.
هذا الاكتشاف قد يغير النظرة إلى اللقاحات بوصفها أدوات للصحة العامة تتجاوز حدود الوقاية من العدوى لتصبح جزءاً من استراتيجيات حماية الدماغ والذاكرة. فبينما لا يوجد حتى اليوم علاج شافٍ للخرف أو ألزهايمر، فإن تعزيز المناعة والوقاية من الفيروسات العصبية قد يشكّل خط الدفاع الأول ضد هذا التدهور الصامت. وإذا ما تأكدت هذه النتائج في دراسات مستقبلية، فقد يصبح التطعيم ضد الحزام الناري خطوة وقائية مزدوجة الفائدة: حماية من مرض مؤلم في الجلد والأعصاب، وحماية طويلة الأمد للعقل من التدهور والنسيان.




